Friday, February 22, 2008

روماقعية

أخيراً أخطو الخطوة التى تمنيتها منذ مدة طويلة .. و هى أن يكون لى مدونة أكتب بها خواطرى الخاصة التى تدور فى ذهنى طوال الوقت .. فأنا من الطراز الذى يتأمل طوال الوقت فى حقائق الحياة و البشر و يكوّن آراءً و قناعات خاصة به، و بالطبع يزداد اكتئاباً كلما ازداد فهماً.

لماذا لم أبدأ إلا الآن؟ كنت أخشى ألا أستطيع الانتظام أو أن أكتشف أننى أقرأ مدونتى وحدى .. و لكن أخيراً قررت أن أفعلها بغض النظر عن النتائج.

أعتقد أنكم تتسائلون عن هذا العنوان الغريب ... روماقعية .. هذه الكلمة خطرت ببالى منذ أيام و أنا أتحدث عن نفسى .. أعتقد أنها من اختراعى أو على الأقل لم أقرأها فى أى مكان من قبل –ربما أسجلها كمصطلح باسمى يوماً ما D:-

لماذا أصف نفسى بهذا من الأساس؟ سأخبركم ..

طوال عمرى كنت رومانسية جداً .. لست أقصد بالرومانسية المعنى الشائع او على حد قول صديقة حميمة لى عن تعريف الشخص الرومانسى "ماشى يحب على روحه" لا أعنى هذا على الاطلاق ..

أنا أعنى بالرومانسية مثالية التفكير و محاولة تطبيق هذا التفكير .. أن تتبع مثل و مبادئ مثالية .. أن تحلم بالمجتمع و الأسرة و الأصدقاء و الحب المثاليين .. أن تحب أن تعطى و لا تهتم بالمقابل .. أن تسأل عن الجميع و إن لم يسألوا عنك فى المقابل .. أن تراعى مشاعر الجميع و أن تتجنب ما يجرحهم و إن فعلوا العكس .. أن تستمع للجميع و لا تبالى إن لم يسمعك أحد ... ألا تظلم أحدا و إن ظلمت .. أن تسامح بنفس صافية .. و أن تحلم باصلاح الكون ذاته و أن .. وأن ..

أرى بعضكم يتثاءب فى ملل .. و يتساءل ثم؟ -انجزى يعنى من الآخر-

(طيب حانجزD:).. بالطبع اصطدمت بصخرة الواقع كالعادة .. و لكننى حاولت المقاومة ..قلت لنفسى أنا أعرف أن العالم ليس مكاناً مثالياً على الإطلاق .. و لن أنتظر تصرفات مثالية من أحد .. فقط لن أحيد عن محاولة أن أتبع ذات المثل و المبادئ و لن أتخلى عن أحلامى قط.

و كلما مضت السنون و كلما كبرت و تعاملت مع الناس أكثر و عرفت أكثر تلقيت صدمة جديدة .. ووجدت أن العالم ليس فقط ليس مكاناً مثالياً على الإطلاق بل هو عالم قاسى .. الشر فيه أكثر من الخير .. عالم أصبح الصواب فيه غير مألوف و ربما مثالية زائدة و الخطأ هو الصواب الوحيد ..

و أدركت أن التفكير بمثالية حماقة يجب التوقف عنها .. وقررت أننى لن أحسن الظن بأحد ثانيةً .. و سيكون أكثر شئ يهمنى فى الكون هو أنا -كالجميع- و لن أضحى من أجل أحد و سأقتل أحلامى -التى هى مثالية بالطبع- بداخلى و سأكون واقعية و عملية جداً و ربما قاسية كذلك.

نفذت هذا عدة ساعات و أنا أشعر بثقل رهيب يجثم على روحى .. ثم لم أتحمل أكثر و انهارت مقاومتى و قررت أن أتراجع عن هذا القرار فشعرت براحة كبيرة .. شعرت أننى عدت أنا.

ماذا عنى الآن؟ ..

فى الواقع أصبحت مزدوجة التفكير .. (روماقعية) أو (واقعنسية) .. تركت الرومانسية للخيال و الأحلام و الواقعية للحكم على الأمور و القرارات.. إلى حد أن لى آراءً مزدوجة فى بعض الأمور .. رأي مثالى يريحنى و لكنه لا يصلح للواقع و رأي واقعى يصلح للواقع لكنه يثقل روحى. و كما أصبحت أقول أنا رومانسية اكثر من اللازم إلى حد أننى واقعية أكثر من اللازم .. و هذا التناقض مرهق بحق .. أحاول أن أصل إلى حالة التوازن و لكن هذا ليس سهلاً و يحدث فى بعض الأحيان فقط.
أحياناً أتمنى أن أصرخ كما كتب د.أحمد خالد توفيق -و هو كاتبى المفضل- فى (قصاصات صالحة للحرق) :" اتركوا لي ما تبقى مني!!!!"

أعتقد اننى يجب أن أنوه أننى لا أقصد بالواقعية هنا ما ذكرته فى الخمسة سطور الأخيرة فى الفقرة السابقة بالتأكيد .. فأنا لم أتحمل هذه المشاعر عدة ساعات.


أنا أعتقد أننى لست وحدى من يعانى تلك المشاعر و الصراعات النفسية .. لهذا قررت أن أفرغ مشاعرى هنا علّنا نتشارك مشاعرنا و صراعاتنا.

بالتأكيد لن أكتب فى هذا الموضوع وحده .. سأكتب أى خواطر أشعر أنها تستحق أن تكتب و أن يقرأها أحد .. و سأحاول أن أكتب بشكل منتظم.

فقط اخترت هذا العنوان لأن هذا أكبر صراع بداخلى منذ فترة و لأن هذه طبيعة تفكيرى عموماً.

فى النهاية أرجو أن أكون نجحت فى التعبير عما أشعر به و سيسعدنى حتماً أن أتلقى تعليقاتكم.