Monday, May 30, 2011

عن مدمنى الديكتاتورية أتحدث

هذا المقال ليس لنقد المجلس العسكرى لأن الكثيرين أشبعوه نقداً و ليس لدى ما أضيفه فى هذا الشأن أكثر مما قيل، هذا المقال لانتقاد محبى و مدمنى الديكتاتورية من المدافعين عن المجلس العسكرى على طول الخط بدون تفكير.

البعض أصبحت لديه عادة تقديس الحاكم أياً كان و رؤيته فى موقع أفضلية عن الآخرين – و أنا لا لأتحدث عن المنافقين هنا فهذه فئة أخرى – و تطوت العادة إلى إدمان مزمن من الصعب الشفاء منه.

لو أننى أمتلك شركة و عينت مديراً لها هل يعنى هذا أن هذا المدير أصبح يملكنى أو أصبحت أنا أعمل عنده و من الواجب علىّ طاعته بدون نقاش و لا يحق لى نقده؟

المجلس العسكرى هو المدير و نحن –الشعب- شركاء فى ملكية هذا الوطن. من يعمل عند من إذاً؟ و كيف لا يمكن نقد طريقة ادارتة لما نملك؟؟

البعض يقول و لكن الجيش حمى الثورة و يراه فى موقع تفضٌل علينا لذلك، الجيش لم يفعل أكثر من واجبه و اتخذ الموقف الذى كان على أى مواطن اتخاذه لو كان يملك ذات السلطة و القوة لذا فلا فضل لهم علينا يبرر طأطأة رؤوسنا لهم، و لو أن الفضل لا يبرر طأطأة الرؤوس أصلاً.

و البعض يعتقد أن الحاكم يعرف دائماً ما يفعله و أن الشعب حفنة من الغير الواعين، و لهؤلاء أحب أن أقول: إذا كنتم أنتم تفتقرون إلى الوعى فغيركم يمتلك الوعى الكافى لنقد الحاكم فدعوه يفعل بدلاً منكم.

و البعض الآخر يقول "أصل مفضلناش غير الجيش" الجيش ليس إلهاً لكى نراه الملاذ الأخير و أطمئنكم أن المجلس العسكرى لن يفتح الحدود لإسرائيل و يسمح لها باحتلال مصر بدون مقاومة لأننا ننتقده.

و هناك تعليقات سمعتها أكثر من مرة أطارت صوابى تعليقاً على ضرب المعتصمين من قبل الجيش و الشرطة العسكرية بأن "أصل فى ناس مبتجيش غير بكده" و "أصل الجيش اللى غلطان مش بيديهوم فوق دماغم من الأول". لكم أن تتخيلوا شعورى عندما قرأت هذه التعليقات أو سمعتها. و المذهل انهم انتقدونى لأن ردى كان هجومياً. إذا كانوا يقدسون الديكتاتورية و القمع فليهنؤا بدكتاتورتى و قمعى أيضاً.

رسالة أخيرة لمن أدمن الديكتاتورية، هناك الكثير من الدول العربية مازات تتمتع بنظم ديكتاتورية قمعية يمكنكم أن تنتقلوا إلى إحداها و تتركونا نحصل على الديمقراطية التى نتمناها و ارفلوا فى نعيم و استقرار الديكتاتورية فى مكان آخر و ارحمونا بقى عشان جالى الضغط من آرائكوا.

Wednesday, July 28, 2010

احتكار الصواب


عند مرورك على أى مدونة أو منتدى أو حتى نوت أو جروب على الفيس بوك ستشاهد تدنى مستوى الحوار، ستجد الكثير من الحوارات المليئة بالسباب و الألفاظ الخارجة، ستجد نماذج كثيرة لإحتكار الصواب و رفض الرأى الآخر. الكثيرون يتبعون سياسة، من يختلف معى فى الرأى فهو أحمق و غبى و لا يفقه شيئاً و يستحق أسوء أنواع السباب. دعونى أعرض عليكم بعض هذه النماذج .

النموذج الأول هم الأشخاص الذين يرددون رأيهم فقط و لا يقرأون الرأى الآخر أصلاً. لى تجارب عدة مع أشخاص من هذا الطراز سأعرض لكم واحدة منها.

قابلت وصلة مصادفة فى أحد الجروبات على الفيس بوك مقرونة بعدة جمل تسب وتحقر من معجبى مطرب مصرى شهير. ضغطت على الوصلة فأوصلتنى إلى جروب وجدتهم أغرقوا الوول الخاصة به سباباً للمطرب و لمعجبيه و وضعوا صوراً له معدلة تجعل ملامحه خليط مقزز من ذكر و أنثى.

لست من معجبات المطرب و أسمع أغنياته كأى مطرب آخر لكنى أكره التعدى على الآخرين و إهانتهم فكتبت تعليق و حرصت على التأكيد أننى لست من معجبات المطرب و لكننى أدافع عن مبدأ و ليس شخص و أننى أرفض أسلوبهم فى النقد. وعندما دخلت على الجروب مرة أخرى وجدت تعليقى قد تم محوه و و جدت صاحبة الجروب أضافت تعليقاً بنفس الكلمات التى قرأتها مع الوصلة من قبل و هى سباب لمعجبى المطرب فألغيت إشتراكى بالجروب بعد أن كتبت تعليق أخير عن إحتكارهم للرأى فى الجروب و محوهم لأى تعليق يخالفهم. و تراسلت مع صاحبة الجروب فكانت تجيب بنفس الكلمات كالإنسان الآلى فى كل مرة بغض النظر عن محتوى رسالتى فتجاهلتها تماماً. أنا لا أرفض أن تملك رأياً مخالفاً لرأيى و تدافع عن رأيها و تناقشنى لكن أن تردد نفس الكلمات دون تفكير؟! ناهيك عن الأشخاص الموجّهين الذين يرددون ما يملى عليهم دون تفكير أيضاً.

هناك نموذج آخر يقرأ و يتناقش و لكن بعصبية شديدة و دفاع مستميت عن رأيه كأنه منزّل من السماء و يبدأ النقاش و قد قرر عدم الإقتناع برأى الآخر و البعض يضيف السباب كأنه منطق فى حد ذاته. فمثلاً تجد الكثيرين يتحدثون بإسم الإسلام بطريقة تسئ للإسلام و يمنحون أنفسهم حق تكفير من يخالفهم الرأى.

النموذج الثالث ملاك المدونات أو الجروبات الذين يمارسون ديكتاتورية مصغرة بمحو تعليقات من يخالفهم الرأى و يسمحون بالمؤيدين و المهللين لهم فقط فلا يحتاجون للرد و النقاش أصلاً.

يطالبون طوال الوقت بتطبيق الديموقراطية ثم يمارسون هم الديكتاتورية عندما يملكون سلطة و لو محدودة.

هذا لا يعنى بالطبع أنه لا يوجد أشخاص يلتزمون آداب الحوار و لكنهم قلة للأسف هذه الأيام. أتمنى أن نملك ساحات حوار أكثر تحضراً يوماً ما.

Tuesday, March 18, 2008

يعنى إيه كلمة وطن ؟

يعنى إيه كلمة وطن؟ .. يعنى إيه كلمة وطن؟

يعنى واو و طه و نون

واو ده وادى .. و طه ده طيبة .. أما نون ده ناس بلادى اللى بيسابقوا الزمن

من أغنية أطفال قديمة لإيمان الطوخى


هذا السؤال يلح على ّ منذ فترة طويلة .. ما هو الوطن؟

هل الوطن هو المكان الذى ولد و عاش فيه أباك و أجدادك؟

أم هو المكان الذى ولدت أنت و تربيت و كبرت به بغض النظر عن إذا كان هذا وطن أجدادك أم لا؟

أم هو المكان الذى تربيت و كبرت به حتى و إن كنت ولدت فى مكان آخر؟

و هل حب الوطن فطرى أم مكتسب؟


أنا أرى أن الوطن يمكن أن يكون أى خيار من هذه الخيارات .. و كلما امتلكت عدد أكبر من هذه الخيارت كلما زاد تعلقك بوطنك و لكننى أميل إلى الخيار الثانى، و الثالث إن كنت لا تزور وطنك الذى ولدت به مطلقاً.

أنا ولدت بمصر و سافرت فى الرابعة من عمرى إلى بلد عربى شقيق و قضيت هناك ست سنوات من عمرى مع قضاء العطلة الصيفية بمصر .. لكنى لا أحمل ذرة انتماء واحدة إلى هذا البلد العربى .. لماذا؟ لم أكن أملك إجابة واضحة وقتها .. لكننى ظللت متعلقة بمصر و أجيب الكل عن الأسئلة التى تتكرر كثيراً: (هنا أحلى و لا مصر؟) .. (تحبى تفضلى هنا و لا ترجعى مصر) بمصر .. (عايزة أرجع مصر) .. مع العلم بأن الحياة فى هذا البلد العربى كانت مريحة و تكفى فقط الشوارع النظيفة و النظام الذى يسود كل شئ لتشعر أنك لا ترغب فى العودة إلى مصر ثانية .. و لكننى لم أشعر هناك بتلك الحميمية التى أشعر بها فى مصر ..

فأنا أحب سكان مصر و طريقتهم العفوية فى التعامل التى تجعلك تشعر تجاه شخص قابلته فى الشارع أو وسيلة مواصلات أو محل أو أى مكان عام بشعور ألفة كأنك تعرفه منذ زمن بعد محادثة قصيرة جداً و ربما بعد ابتسامة فقط .. أحب سكان مصر بشهامتهم التى لم تنقرض بعد و الحمد لله .. جرب أن تقع فى مشكلة أو مشاجرة أو حادث -لا قدر الله- و ستجد العشرات يلتفون حولك لتقديم العون .. تدمع عيناى تأثراً دوماً لرؤية هذا المشهد.

أحب مصر بكل تفاصيلها الصغيرة التى تضايقك أحياناً لكنك اعتدتها و ربما لا تتخيل الحياة بدونها.


و هذا يقودنا للسؤال الأخير :

هل حب الوطن فطرى أم مكتسب؟


أعتقد أنه مكتسب .. ربما هناك جزء فطرى فى داخل كل منا .. لكنه فى الأساس مكتسب فى رأيى لسبب بسيط .. لو أن أحدهم أخبرك -بعد أن كبرت و عشت فى وطنٍ ما- أنك تنتمى لوطن آخر عن طريق أجدادك و أنت لم تعرف هذا من قبل .. هل ستتجه مشاعرك إلى هذا الوطن الجديد؟ هل ستشعر بإنتماء له؟ لا أظن.

لدى تجربة شخصية أخرى .. أخبرونى منذ عدة سنوات أن أصول عائلتنا السحيقة تنتمى إلى بلد عربى شقيق آخر لأن جدى الخامس ينتمى إلى ذلك البلد -أنا لا أمزح .. هذا حقيقى تماماً- و تزوج مصرية و توفى -بعد أن أنجبت- فى مصر قبل العودة إلى بلده .. ووقتها طبعاً لم تكن هناك تعقيدات الجنسية الموجودة الآن -و ربما لم تكن هناك جنسيات على الإطلاق فنحن نتكلم عن شئ حدث منذ أكثر من قرن- لذا فنحن مصريون.


تسألوننى بم شعرت؟ بصراحة ضايقنى كثيراً أن أصولنا ليست مصرية تماماً -و كأننى كنت أتوقع أن يكون أجدادى من الفراعنة- .. شعور شبيه بشعور السحرة الغير أنقياء الدم لأن أحد الأبوين ليس ساحراً فى روايات هارى بوتر و لكننى أقنعت نفسى أنه بالتأكيد لا يوجد من هو مصرى إلى جده الأخير .. و فى الواقع لم أشعر تجاه هذا البلد بأى انتماء و أنسى أحياناً أن جدى -الخامس- ينتمى إليه.

لو أن حب الوطن فطرى لشعرت بانتماء تجاه هذا البلد العربى الشقيق و لربما شعرت بحنين غامض إليه قبل أن أعرف حتى أن جدى ينتمى إليه كما يحدث فى الروايات و الأفلام .. لذا أعتقد أن حب الوطن مكتسب و إن كان هناك جزء فطرى فهو الجزء الخاص بأنك يجب أن تنتمى إلى وطنٍ ما و أن تحبه و تبذل من أجله ما تستطيع و ربما تفديه بحياتك.


هذا رأبى .. ولكن مازالت أحياناً أتسائل فى حيرة.. يعنى إيه كلمة وطن؟

Tuesday, March 11, 2008

من عمق الروح

تنويه صغير:
بدأت مدونة جديدة لأغراض أخرى.

هناك سأكتب أى شئ يخطر ببالى .. بأى أسلوب -كلمة، جملة، عدة جمل، شعر- و أى لغة -عربية ، عامية مصرية ، إنجليزية.. أى شئ و فى أى وقت -عشر (بوستات) فى اليوم، شهربلا (بوستات)- .. القاسم المشترك بين (البوستات) هو أنها من عمق الروح
http://mn-3omk-elro7.blogspot.com

Saturday, March 8, 2008

الطفولة المسلوبة

"مريع هو الشقاء الذي يرتسم على وجوه الأطفال الذين رأوا أكثر مما يجب بالنسبة ‏لعمرهم .. حكمة سابقة للأوان على جبينهم .. و زهد في الوجود لم يحن وقته بعد .."

د.أحمد خالد توفيق – أسطورة إيجور - سلسلة ما وراء الطبيعة




العالم ملئ بهؤلاء الذين يحملون هذا التعبير على وجوههم كنتاج لتجارب قاسية مبكرة.. فقر .. فقد أحد الأبوين أو كليهما .. ظروف حرب .. التعرض لاعتداء أو عنف .. رؤية مشاهد قاسية عن قرب.. سجن .. تعذيب .. صدمة قوية فى صديق أو حبيب .. أو أية تجارب أخرى لم ترد بخاطرى الآن.

لكنى سأتكلم اليوم عن نوع واحد منهم .. أطفال الشوارع و المتسولين .. يا إلهى .. لكم تؤلمنى طفولتهم المسلوبة منهم .. و براءتهم التى اغتالتها ظروفهم.

يدورون طوال اليوم فى الشوارع لجمع ما يجود به المارة عليهم و ربما يتعرضون للإهانة أو المعاملة القاسية .. هذا بالإضافة للعقاب الذى ينتظرهم إن لم يعودوا بالمال المفترض أن يعودوا به لأهلهم أو من يستأجرهم ثم يفترش معظمهم -ممن لا مأوى لهم - الأرصفة ليناموا فى العراء و يعانوا من قيظ الصيف أو برد الشتاء .. أية حياة تلك؟

و كأى ظاهرة دعونا نناقش أسبابها و نتائجها و ربما الحلول المقترحة أيضاً. و كتسلسل منطقى سنبدأ بالأسباب حتماً.

لم أقم ببحث ميدانى و لكنى أعتقد أن الأسباب التى توصل أى طفل إلى أن يكون طفل شارع أو متسول لا تخرج عن:

1- أسرة فقيرة لا تستطيع ملء أفواه أو بطون أطفالها الجوعى فتدفعهم للعمل و لكن عمل مهين جداً .. و هو التسول .. و يتحول الأمر مع الوقت إلى احتراف .. أى أنهم يتسولون حتى لو لم يعودوا بحاجة ماسة إلى ذلك و بعضهم يبنى عمارات من ناتج التسول لفترة طويلة.

2- أسرة فقيرة لا تستطيع ملء أفواه أو بطون أطفالها الجوعى فتلقيهم للشارع فيلجأون لذات العمل المهين سواء لحسابهم الخاص أو بعد أن يستأجرهم البعض.

3- أسرة فقيرة أخرى و لكن تتميز بشئ .. أسرة مفككة أو تعانى مشاكل أسرية أو تمارس العنف الجسدى على الأطفال فيهرب الطفل بنفسه -إن لم تلقه الأسرة- إلى الشارع و يلجأ لذات العمل.

4- طفل بلا أسرة أصلاً أو عائل هذه المرة فيلجأ لذات العمل المهين -يالهذا التكرار الممل-.


إذاً فالسببان الرئيسيان هما: الفقر و الأسرة.

و الفقر طبعاً سببه فقد العائل الرئيسى للأسرة أو عدم توافر عمل أو توافر عمل غير مجزى. و فى رأيى كلها مشاكل حكومة فى الأساس .. فكل مواطن من حقه أن يحصل على حياة كريمة من خلال عمل يحفظ كرامته و يكفى عائده لتوفير الإحتياجات الأساسية للأسرة على الأقل .. أو معونة فى حالة عدم توافر هذا العمل.

و أرجوكم لا يقول لى أحدكم أننا دولة فقيرة لا تملك إمكانيات كافية -فرصة أتكلم فى السياسة بقى :D - .. فنحن نمتلك موارد عديدة تحسدنا عليها دول غنية جداً -و لهذا تعرضنا لمحاولات احتلال عديدة- .. و لكننا نسئ استغلالها عن جهل أو عن قصد .. فقط لو كانت لدينا حكومة تجيد الإدارة فعلاً و تملك الرغبة الصادقة لتحسين الأوضاع و توقف البعض عن الإختلاس و السرقة من أموال الدولة التى هى أموال الشعب بالتالى لكنّا فى وضع آخر تماماً .. فنحن نعانى أزمة ضمير فعلاً .. أعتقد أن موت الضمائر سبب معظم مشاكلنا فى مصر -إن لم يكن كلها-.


أما مشكلة الأسرة فهى مؤلمة بحق .. يصعب علىّ دوماً تصور أن يلقى أب أو أم فلذات أكبادهم للشارع أو يستغلانهم بالعمل كمتسولين -إن كان لنا أن نسمى هذا عملاً- .. من أى شئ قدت هذه القلوب؟ أم أنهم لا يملكون قلوباً من الأساس؟

الفقر ليس بمبرر .. بل إن بعضهم يعاقب أولاده فعلأ -إن لم يعودوا بمبلغ معين من المال- بعنف.

قبل أن أتخرج من الكلية –منذ عدة أشهر- كنت أرى يومياً تقريباً فتيات صغيرات جداً يتسولن أمامها بإلحاح شديد إلى حد التعلق بالملابس.

و ذات مرة قالت فتاة منهن -بعد أن منحناها بعض المال- أنه قد تبقى لها عدة جنيهات لا أذكر عددها الآن لتتم عشرة جنيهات .. فسألتها -و أنا أعرف الإجابة- عن السبب .. فأخبرتنى أنها لا بد أن تجمع هذا المبلغ يومياً لوالدتها و إلا ... و لم تكمل.

السخيف فى الأمر أن أمها تجلس فى مقدمة الشارع بلا عمل - تبيع بعض المناديل التى هى وسيلة للتسول أيضاً- و تأمر ابنتاها بأن تتسولا .. لشد ما أتمنى أن يعاقب أمثال هذه السيدة.

أحياناً كنت أسأل بعض الفتيات –اللاتى تبدو أعمارهن أكثر من عشر سنوات- لم لا يعملن بدلاً من التسول؟ .. فى الغالب كن يتجاهلن السؤال و يستمررن فى الإلحاح أو يتركننى بلا رد ليتسولن من شخص آخر.

لقد اعتدن حياة التسول و لا يردن أن يبذلن جهداً لكسب المال بوسيلة شريفة.

و هذا يوصلنا للنتائج:

1- و هى أهم نقطة فى رأيى .. و هو موت الكرامة .. فاعتياد التسول و التذلل للناس يقتل كرامة المرء و يعلى قيمة المال لديه على أى شئ آخر. و مع عدم توافر تربية جيدة أو وازع دينى أو أخلاقى أو حتى تعليم يمكن أن يسرق المرء أو يرتكب أى فعل من أجل المال .. و الذي يؤلمنى بحق و يدور بخيالى حينما أتعامل مع فتيات متسولات هو .. أتبيع أغلى ما لديها من أجل بعض الجنيهات؟

و عموماً أنا أعتبر أى طفل شوارع مشروع مجرم أو منحرف .. لذا فهم خطر حقيقى على المجتمع.

2- تعرضهم للعنف الجسدى أو الاغتصاب .. فلا أحد يبالى بهم أو يحميهم. و فى الغالب ينشأون بنفسية غير سوية و هذا أيضاً خطر على المجتمع.

3- تعرضهم للاستغلال من عصابات التسول ليجمعوا لهم المال و يعاقبونهم بعنف إن قصروا.. حتى إننا أحياناً نرفض اعطاءهم المال لمعرفتنا أن الكثير منهم كذلك فنظلم المحتاج الحقيقى. و الأسوء أن بعضهم ينضم إلى العصابات الإجرامية.

4- مظهرهم يسئ إلى مصر أمام الأجانب و يشوه مظهر شوارعنا.

و كما ترون التسول و حياة الشوارع تعود بالسلب عليهم و على المجتمع . عموماً من أخطر الأشخاص الشخص الذى ينشأ فى ظروف سيئة خارجة عن إرادته .. ينشأ ساخطاً على المجتمع حاقداً عليه .. و ربما يسعى للإنتقام .. و هذه هى السيكوباتية كما أفهمها.


ما الحل؟

بالطبع الحلول الفردية لا تصلح .. الحلول لابد أن تقوم بتنفيذها الدولة أو مؤسسات المجتمع المدنى.

لا بد أن يصدر قانوناً لمنع التسول -أعتقد أن هناك واحداً و لكنه حتماً لا ينفذ- و ينفذ فعلاً.

و لا بد من جمع جميع المتسولين -الأطفال منهم- و أطفال الشوارع عموماً فى مؤسسات لإعادة تأهيلهم و توفير الحياة الكريمة و التعليم لهم.

و بالطبع للقضاء على جذور المشكلة توفير فرص عمل أو معونات للأسر الفقيرة و توعيتهم.

لكن بالطبع هذا لن يحدث لأن الدولة لا تغيب عنها هذه الحلول .. فقط هم لا يهتمون .. يصرفون الملايين و ربما المليارات لنقل تمثال أو لبناء متحف أو ترميم قصر قديم أو بناء و إنشاء مشروعات من التى تندرج تحت بند الرفاهيات و يتركون المواطنين جوعى يفترشون الأرصفة!!!

نحن نحتاج إلى تغيير جذرى فى هذا البلد فعلاً و إلا سيتغير الحال من سئ إلى أسوء.


ماذا يمكننا أن نفعل كأفراد؟ للأسف ما يمكننا فعله قليل. كل ما نستطيع فعله هو محاولة نصح هؤلاء الأطفال أو أهلهم و عدم تشجيع التسول برفض الإستجابة له. أو المشاركة فى منظمة أو مؤسسة لرعايتة أطفال الشوارع أو التبرع لها.

لدى حلم أتمنى أن ينتقل من إطار الأحلام إلى إطار الواقع يوماً بأن أدير مؤسسة لإعادة تأهيل و رعاية أطفال الشوارع و إخراجهم مواطنين صالحين .. يارب.

Saturday, March 1, 2008

عن الفضيلة التى لم تختبر

"You were easy game. You had an old and lofty reputation for honesty, and naturally you were proud of it--it was your treasure of treasures, the very apple of your eye. As soon as I found out that you carefully and vigilantly kept yourselves and your children OUT OF TEMPTATION, I knew how to proceed. Why, you simple creatures, the weakest of all weak things is a virtue which has not been tested in the fire."

Mark Twain - The Man That Corrupted Hadleyburg

"كنتم صيداً سهلاً .. كنتم مشهورين بالأمانة و كانت هذه قرة أعينكم .. كنز كنوزكم .. لاحظت أنكم تبعدون عن الإغراء فعرفت من أين أهجم .. إن أضعف مخلوقات الله هى الفضيلة التى لم يتم اختبارها فى النار"

هذه الكلمات من قصة (الرجل الذى أفسد هادلبرج) ل"مارك توين" التى تحكى عن )هادلبرج( المشهورة بالأمانة و الاستقامة الى حد إثارة غيرة المدن المحيطة بها. لكن حدث أن هادلبرج تسببت فى مضايقة غريب عابر .. و كان من الطراز الذى يحتفظ بالمرارة فى قلبه و يحب الانتقام. فقرر هذا الغريب إفساد أخلاق البلدة. فعقد لهم اختباراً عسيراً فى الأمانة فرسب الجميع عن جدارة. رسبوا لأنهم كانوا أمناء فقط لأنهم لم يتعرضوا لإغراء أو اختبار حقيقى قط، فكانت أمانتهم مزيفة.
حقاً إن أضعف مخلوقات الله هى الفضيلة التى لم يتم اختبارها فى النار.

كم مرة فى حياة كلٍ منا حدث فيها أن علم أن أحد الناس ارتكب خطأ ما فهتف فى انفعال كيف أن الناس انحدرت لهذا المستوى الأخلاقى و أن هذا الشخص سئ الخلق جداً و ربما قطع علاقته به لو كان صديقه أو زميله أو قريبه أو عامله باحتقار.

و كم واحد منا فكر أكان يرتكب ذات الخطأ إذا مر بذات الظروف، أو تعرض لذات الإغراء أو الإختبار؟!

لماذا ننصّب من أنفسنا قضاة و نحكم على الآخرين بفساد الأخلاق و نحن نملك ذات الضعف البشرى .. فقط لم نتعرض لذات الإختبار. بالطبع هناك من يجتازون الإختبارات بنجاح و هؤلاء من استطاعوا التغلب على ضعفهم البشرى ووضعوا نصب أعينهم أهدافاً أسمى و هى طاعة الله و إرضائه و تطبيق المثل و المبادئ التى يؤمنون بها. و لكن حتى هؤلاء يضعفون و يخطئون أحياناً.

لماذا لا نبحث ظروف المخطئ قبل أن نصدر أحكامنا عليه؟ .. ماذا عن السارق مثلاً؟ .. لماذا سرق؟ البعض يسرق لأن أطفاله جوعى.. أو لأن راتبه لا يكفى احتياجاته المعيشية -إن كان له راتب- .. هو مخطئ بالطبع و لا بد أن ينال عقابه و لكن لا يجب أن نحكم عليه بأنه شخص سئ لا أمل فى إصلاحه و أن نحتقره .. لم لا توفر له الدولة قوت يومه قبل أن تعاقبه؟ .. من الصعب أن يصمد شخص ما أمام صرخات أطفاله الجوعى أو دموعهم .. لا أعنى بهذا أننى سأسرق إن حدث و أصبحت فى ذات الوضع .. و لكن من يضمن لى إلى أى حد سأصمد؟ .. هل سأصمد للنهاية؟ هذا سؤال من الأسئلة التى تشبه سؤال: هل سأدخل الجنة؟ .. كلنا نأمل ذلك .. و لكن من يدرى؟ و ينطبق ما قلته على المرتشى أيضاً أو أى شخص يتكسب من طريق غير شرعى أو أخلاقى.

حتماً هذه ليست دعوة للخطأ أبداً .. فقط هذه دعوة للتوقف عن نظرة الإحتقار أو الإشمئزاز التى تقفز إلى أعيننا عندما نرى مخطأ أو نسمع عنه. فليس كل مخطأ يستحقها .. فلنحاول أن نتفهم أسبابه أولاً فلربما نجد أنه ضحية لا أكثر و أنه قابل للإصلاح. و هى دعوة أيضاً للتوقف عن التعالى على الخطأ و المخطأين مادمنا لم نتعرض لذات الإختبار بعد.

Friday, February 22, 2008

روماقعية

أخيراً أخطو الخطوة التى تمنيتها منذ مدة طويلة .. و هى أن يكون لى مدونة أكتب بها خواطرى الخاصة التى تدور فى ذهنى طوال الوقت .. فأنا من الطراز الذى يتأمل طوال الوقت فى حقائق الحياة و البشر و يكوّن آراءً و قناعات خاصة به، و بالطبع يزداد اكتئاباً كلما ازداد فهماً.

لماذا لم أبدأ إلا الآن؟ كنت أخشى ألا أستطيع الانتظام أو أن أكتشف أننى أقرأ مدونتى وحدى .. و لكن أخيراً قررت أن أفعلها بغض النظر عن النتائج.

أعتقد أنكم تتسائلون عن هذا العنوان الغريب ... روماقعية .. هذه الكلمة خطرت ببالى منذ أيام و أنا أتحدث عن نفسى .. أعتقد أنها من اختراعى أو على الأقل لم أقرأها فى أى مكان من قبل –ربما أسجلها كمصطلح باسمى يوماً ما D:-

لماذا أصف نفسى بهذا من الأساس؟ سأخبركم ..

طوال عمرى كنت رومانسية جداً .. لست أقصد بالرومانسية المعنى الشائع او على حد قول صديقة حميمة لى عن تعريف الشخص الرومانسى "ماشى يحب على روحه" لا أعنى هذا على الاطلاق ..

أنا أعنى بالرومانسية مثالية التفكير و محاولة تطبيق هذا التفكير .. أن تتبع مثل و مبادئ مثالية .. أن تحلم بالمجتمع و الأسرة و الأصدقاء و الحب المثاليين .. أن تحب أن تعطى و لا تهتم بالمقابل .. أن تسأل عن الجميع و إن لم يسألوا عنك فى المقابل .. أن تراعى مشاعر الجميع و أن تتجنب ما يجرحهم و إن فعلوا العكس .. أن تستمع للجميع و لا تبالى إن لم يسمعك أحد ... ألا تظلم أحدا و إن ظلمت .. أن تسامح بنفس صافية .. و أن تحلم باصلاح الكون ذاته و أن .. وأن ..

أرى بعضكم يتثاءب فى ملل .. و يتساءل ثم؟ -انجزى يعنى من الآخر-

(طيب حانجزD:).. بالطبع اصطدمت بصخرة الواقع كالعادة .. و لكننى حاولت المقاومة ..قلت لنفسى أنا أعرف أن العالم ليس مكاناً مثالياً على الإطلاق .. و لن أنتظر تصرفات مثالية من أحد .. فقط لن أحيد عن محاولة أن أتبع ذات المثل و المبادئ و لن أتخلى عن أحلامى قط.

و كلما مضت السنون و كلما كبرت و تعاملت مع الناس أكثر و عرفت أكثر تلقيت صدمة جديدة .. ووجدت أن العالم ليس فقط ليس مكاناً مثالياً على الإطلاق بل هو عالم قاسى .. الشر فيه أكثر من الخير .. عالم أصبح الصواب فيه غير مألوف و ربما مثالية زائدة و الخطأ هو الصواب الوحيد ..

و أدركت أن التفكير بمثالية حماقة يجب التوقف عنها .. وقررت أننى لن أحسن الظن بأحد ثانيةً .. و سيكون أكثر شئ يهمنى فى الكون هو أنا -كالجميع- و لن أضحى من أجل أحد و سأقتل أحلامى -التى هى مثالية بالطبع- بداخلى و سأكون واقعية و عملية جداً و ربما قاسية كذلك.

نفذت هذا عدة ساعات و أنا أشعر بثقل رهيب يجثم على روحى .. ثم لم أتحمل أكثر و انهارت مقاومتى و قررت أن أتراجع عن هذا القرار فشعرت براحة كبيرة .. شعرت أننى عدت أنا.

ماذا عنى الآن؟ ..

فى الواقع أصبحت مزدوجة التفكير .. (روماقعية) أو (واقعنسية) .. تركت الرومانسية للخيال و الأحلام و الواقعية للحكم على الأمور و القرارات.. إلى حد أن لى آراءً مزدوجة فى بعض الأمور .. رأي مثالى يريحنى و لكنه لا يصلح للواقع و رأي واقعى يصلح للواقع لكنه يثقل روحى. و كما أصبحت أقول أنا رومانسية اكثر من اللازم إلى حد أننى واقعية أكثر من اللازم .. و هذا التناقض مرهق بحق .. أحاول أن أصل إلى حالة التوازن و لكن هذا ليس سهلاً و يحدث فى بعض الأحيان فقط.
أحياناً أتمنى أن أصرخ كما كتب د.أحمد خالد توفيق -و هو كاتبى المفضل- فى (قصاصات صالحة للحرق) :" اتركوا لي ما تبقى مني!!!!"

أعتقد اننى يجب أن أنوه أننى لا أقصد بالواقعية هنا ما ذكرته فى الخمسة سطور الأخيرة فى الفقرة السابقة بالتأكيد .. فأنا لم أتحمل هذه المشاعر عدة ساعات.


أنا أعتقد أننى لست وحدى من يعانى تلك المشاعر و الصراعات النفسية .. لهذا قررت أن أفرغ مشاعرى هنا علّنا نتشارك مشاعرنا و صراعاتنا.

بالتأكيد لن أكتب فى هذا الموضوع وحده .. سأكتب أى خواطر أشعر أنها تستحق أن تكتب و أن يقرأها أحد .. و سأحاول أن أكتب بشكل منتظم.

فقط اخترت هذا العنوان لأن هذا أكبر صراع بداخلى منذ فترة و لأن هذه طبيعة تفكيرى عموماً.

فى النهاية أرجو أن أكون نجحت فى التعبير عما أشعر به و سيسعدنى حتماً أن أتلقى تعليقاتكم.